السعودية ـ قوانين الإرهاب الجديدة تتعدى على الحقوق حملة لإسكات النشطاء السلميين


قانون الإرهاب الجديد في السعودية وسلسلة المراسيم الملكية المتعلقة به تنشئ إطاراً قانونياً يبدو تقريباً وكأنه يجرم كافة أشكال الفكر المعارض أو التعبير عن الرأي بوصفه إرهاباً. وتهدد الأحكام الكاسحة الواردة في تلك الأنظمة القانونية، والصادرة كلها منذ يناير/كانون الثاني 2014، بالإغلاق التام للمساحة الضيقة بالفعل، المتاحة لحرية التعبير في المملكة العربية السعودية.


وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لم تتسم السلطات السعودية قط بالتسامح مع انتقاد سياساتها، لكن هذه القوانين والأنظمة الأخيرة تحول أي رأي انتقادي أو جمعية مستقلة تقريباً إلى جريمة من جرائم الإرهاب. وتعمل هذه الأنظمة على تحطيم أي أمل في اتجاه نية الملك عبد الله إلى إفساح المجال للمعارضة السلمية أو الجمعيات المستقلة".

وتأتي الأنظمة الجديدة وسط حملة لإسكات النشطاء المستقلين والمعارضين السلميين عن طريق عمليات التخويف والتحقيق والاعتقال والسجن. في 9 مارس/آذار أكمل الناشطان البارزان في مجال حقوق الإنسان عبد الله الحامد ومحمد القحطاني عامهما الأول في السجن، من عقوبتين تبلغان 10 و11 سنة على الترتيب، لانتقاد انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان والانتماء إلى جمعية سياسية وحقوقية غير مرخصة.

كما أن اثنين آخرين من النشطاء الحقوقيين، هما وليد أبو الخير ومخلف الشمري، خسرا مؤخراً في الاستئناف والأرجح أن يبدآ قريباً في قضاء عقوبتي سجن تبلغان 3 أشهر و5 سنوات على الترتيب، لانتقاد السلطات السعودية.

في 31 يناير/كانون الثاني تبنت السلطات السعودية النظام الجزائي لجرائم الإرهاب وتمويله (قانون الإرهاب). وينطوي النظام على عيوب جسيمة تشمل أحكاماً غامضة وفضفاضة تسمح للسلطات بتجريم التعبير عن الرأي، وإنشاء سلطات شرطية مفرطة دون إشراف قضائي. ولا يذكر النظام العنف كركن ضروري إلا في إشارته إلى الاعتداء على سعوديين خارج المملكة أو على متن وسائل مواصلات سعودية. أما داخل المملكة فقد لا يكون "الإرهاب" عنيفاً ـ حيث يتمثل في "أي فعل" يقصد به ضمن أمور أخرى "الإساءة إلى سمعة الدولة" أو "الإخلال بالنظام العام" أو "زعزعة أمن المجتمع"، وكل هذا مما يخفق القانون في تعريفه بوضوح.

في 3 فبراير/شباط، بعد يومين من العمل بقانون الإرهاب، أصدر الملك عبد الله الأمر الملكي رقم 44 الذي يجرم "المشاركة في أعمال قتاليةخارج المملكة" مع أحكام بالسجن تتراوح بين 3 سنوات و20. وفي 7 مارس/آذار أصدرت وزارة الداخلية مزيداً من الأنظمة ترد فيها قائمة مبدئية بالجماعات التي تعتبرها الحكومة منظمات إرهابية، ومنها الإخوان المسلمون وجماعة الحوثيين في اليمن، إضافة إلى "تنظيم القاعدة، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة في اليمن، وتنظيم القاعدة في العراق، وداعش [الدولة الإسلامية في العراق والشام]، وجبهة النصرة وحزب الله داخل المملكة".

وتشمل أنظمة وزارة الداخلية أحكاماً كاسحة أخرى يمكن للسلطات استغلالها لتجريم أي رأي أو جمعية تنتقد الحكومة وفهمها للإسلام. وتتضمن أحكام "الإرهاب" هذه ما يلي:



المادة الأولى: "الدعوة للفكر الإلحادي بأي صورة كانت، أو التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي التي قامت عليها هذه البلاد".
المادة الثانية: "كل من يخلع البيعة التي في عنقه لولاة الأمر في هذه البلاد، أو يبايع أي حزب، أو تنظيم، أو تيار، أو جماعة، أو فرد في الداخل أو الخارج".
المادة الرابعة: "كل من يقوم بتأييد التنظيمات، أو الجماعات، أو التيارات، أو التجمعات، أو الأحزاب، أو إظهار الانتماء لها، أو التعاطف معها، أو الترويج لها، أو عقد اجتماعات تحت مظلتها، سواء داخل المملكة أو خارجها، ويشمل ذلك المشاركة في جميع وسائل الإعلام المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ومواقع الإنترنت، أو تداول مضامينها بأي صورة كانت، أو استخدام شعارات هذه الجماعات والتيارات، أو أي رموز تدل على تأييدها أو التعاطف معه".
المادة السادسة: "الاتصال أو التواصل مع أي من الجماعات، أو التيارات، أو الأفراد المعادين للمملكة".
المادة الثامنة: "السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، أو الدعوة، أو المشاركة، أو الترويج، أو التحريض على الاعتصامات، أو المظاهرات، أو التجمعات، أو البيانات الجماعية بأي دعوى أو صورة كانت، أو كل ما يمس وحدة واستقرار المملكة بأي وسيلة كانت".
المادة التاسعة: "حضور مؤتمرات، أو ندوات، أو تجمعات في الداخل أو الخارج تستهدف الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة في المجتمع".
المادة الحادية عشرة: "التحريض، أو استعداء دول، أو هيئات، أو منظمات دولية ضد المملكة".


وتحتوي هذه الأحكام الفضفاضة على صياغات يقوم أفراد النيابة والقضاة باستغلالها بالفعل لملاحقة وإدانة النشطاء المستقلين والمعارضين السلميين، بحسب هيومن رايتس ووتش.

تشتمل إدانة القحطاني والحامد على تهم من قبيل "الخروج على ولي الأمر" و"القدح في ديانة أو امانة هيئة كبار العلماء " و"جلب الفتن" و"محاولة زعزعة الأمن الداخلي للبلاد بالدعوة للمظاهرات"، وتعمل أنظمة الإرهاب الجديدة على تصنيف العديد من هذه التهم كأعمال إرهابية.

ويقضي أعضاء آخرون في منظمتهما، جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، أحكاماً بالسجن لإدانتهم بتهم مماثلة، ومنهم محمد البجادي وعمر السعيد وعبد الكريم الخضر. كما يخضع أحد الأعضاء المسجونين، وهو فوزان الحربي، للمحاكمة أمام محكمة الرياض الجزائية بتهم تشمل "الاشتراك في الدعوة والتحريض على الخروج على ولي الأمر" و"الطعن الصريح بأمانة ديانة أعضاء هيئة كبار العلماء" و"الاشتراك في إنشاء جميعة غير مرخصة" ـ والمقصود جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية ـ و"نشر تفاصيل التحقيق معه" و"وصف نظام الحكم السعودي ـ ظلماً وتعدياً ـ بأنه نظام بوليسي".

في قضية 9 مارس/آذار، بحسب تقرير لوكالة الأنباء السعودية، قامت محكمة استئناف سعودية بتأييد الحكم بالسجن لمدة 8 سنوات على مواطن سعودي "لتورطه بتحريض ذوي الموقوفين في قضايا أمنية على المظاهرات والاعتصامات من خلال إنتاج وتخزين وإرسال تغريدات ومقاطع فيديو لموقع اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي"، علاوة على "سخريته من ولي أمر المملكة وعلمائها".

وفي 10 مارس/آذار أفادت وكالة الأنباء السعودية بإدانة رجل آخر، والحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها 100 ألف ريال (26600 دولار أمريكي) لـ"قيامه بمتابعة وحفظ وإعادة إرسال تغريدات تحريضية في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) ضد ولاة الأمر والعلماء وأجهزة الدولة، وتواصله مع معرفات أشخاص يسمون أنفسهم بالإصلاحيين...".

ويحاكم ناشط حقوقي آخر، هو فاضل المناسف الذي اضطلع بدور رائد في توثيق الانتهاكات بحق متظاهري المنطقة الشرقية في 2011، لـ"إثارة الفتنة" و"تأليب الرأي العام ضد الدولة" و"التواصل مع جهات إعلامية خارجية تسعى إلى تضخيم الأخبار والإساءة إلى حكومة المملكة". 

كما أن ناشطي حقوق الإنسان في الرياض محمد العتيبي وعبد الله العطاوي، اللذين خضعا للتحقيق في أبريل/نيسان 2013 للمشاركة في تأسيس جمعية حقوقية جديدة ـ الاتحاد لحقوق الإنسان ـ يواجهان تحقيقاً جديداً يستند إلى أنشطتهما في مجال حقوق الإنسان.

تكفل المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والسعودية طرف فيه، الحق في حرية الرأي والتعبير، ونقل الأخبار إلى الغير بأية وسيلة، كما تكفل المادة 28 الحق في التجمع وتكوين الجمعيات سلمياً. 

وبينما يعترف القانون الدولي لحقوق الإنسان بحماية النظام العام والأمن القومي كأهداف مشروعة لتقييد بعض الحقوق في ظروف محدودة وضيقة التعريف، إلا أن النصوص القانونية الغامضة والفضفاضة لا تصلح كأساس لإبطال طيف واسع من الحقوق الأساسية. والأحكام الواردة في أنظمة الإرهاب السعودية الجديدة، التي تحرم الفرد من أية قدرة على ممارسة الحقوق الأساسية في التجمع السلمي، وفي حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير، تتجاوز بكثير أي تصور للقيود المبررة بحسب هيومن رايتس ووتش.

في تعليق على المادة السادسة من هذه الأنظمة، قال أحد النشطاء لـ هيومن رايتس ووتش في 12 مارس/آذار: "مجرد الحديث معك الآن يعتبر إرهاباً ـ ويمكن ملاحقتي كإرهابي على هذا الحوار".

_________

http://www.hrw.org/ar/news/2014/03/20


Related

كرامة 800931695126226404

Post a Comment

emo-but-icon

Connect

Translate

Search

Reading...

Read...

Topics

Absolute Immunity Abu Ghraib Abuse of Power Aggression All Apartheid Arbitrary Detention Assassinations Atrocities Attacks on Cultural Property Buried Under the Rubble Burned Alive children rights Civil Rights Coerced Confession Collective Punishment Colonialism Concentration Camps Conflict Courts and Human Rights Crime of Aggression Crimes Crimes Against Humanity Cruel and inhuman treatment Cultural Rights Death Penalty Detention Discrimination Disproportionate Attacks Dissent Education Ethnic Cleansing Executions Exploitation Extermination Extrajudicial Killing Famine Fiqh Food Forcible Transfer Freedom of Speech Gaza Gaza Body Count Gaza Genocide Geneva Conventions Genocide Guantanamo Health Hostage Taking human rights Human Shields Hunger HUQUQ ICC ICJ Incarceration Indigenous Indiscriminate Attacks International Humanitarian Law Islamic Law Journalism Massacres Media Bias Migration Murder Muslims Nakba Namibia Genocide Nationalism Noncombatant Immunity Occupation Palestine Pillaging Plunder Polical Prisoners Policing Political Rights Poverty POWs Prison System Proxy Wars Qualified Immunity Rebellion and Revolutions religion and conflict Remediation Reparation Reports Resistance Rights Rohingya Genocide sanctions Sectarianism Security Sexual Exploitation Sexual Violence Sharia Slavery Sovereign Immunity Starvation State Violence Summary Executions Supremacism The Battle of Algiers Torture UN UNINED NATIONS Universal Rights UNSC War Crimes WMDs Women Rights Zionism ألتكفير الإبادة الجماعية التحريض على الكراهية السجن التعسفي جرائم الحرب حقوق كرامة

Support space

KARAMA in the news

News stories from around the world (third-party content)

Human Rights News

Sponsors' Space

HUQUQ Journal (external)

KARAMA Pageviews

Ad Space

Sharethis

addany

item
- Navigation -