المعارضة السورية المسلحة تستخدم الأطفال في النزاع: تقارير عن خدمة صبية كمقاتلين وحراس وعناصر مراقبة واستطلاع
https://karama.huquq.com/2012/12/blog-post_10.html
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن جماعات معارضة مسلحة تقاتل في سوريا تستخدم أطفالاً في القتال وفي أغراض عسكرية أخرى. تبينت لهيومن رايتس ووتش وجود أطفال في سن قد تبلغ 14 عاماً يخدمون في ثلاث كتائب معارضة على الأقل، وينقلون الأسلحة والإمدادات ويقومون بأعمال مراقبة، كما شوهد أطفال في سن 16 عاماً يحملون السلاح ويقاتلون ضد قوات الحكومة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على قادة المعارضة التقدم بتعهدات علنية بإنهاء هذه الممارسة، وبحظر استخدام أي شخص تحت 18 عاماً لأغراض عسكرية، ولو حتى على أساس تطوعي.
قابلت هيومن رايتس ووتش خمسة صبية بين 14 و16 عاماً، قالوا إنهم يعملون مع المعارضة المسلحة في حمص ودرعا وخربة الجوز، وهي بلدة صغيرة بإدلب قرب الحدود التركية. قال ثلاثة من الصبية – يبلغون جميعاً من العمر 16 عاماً – إنهم يحملون السلاح. قال أحدهم إنه تلقى تدريباً عسكرياً وشارك في مهمات قتالية هجومية. قال اثنان من الصبية – 14 و15 عاماً – إنهما يدعمون، مع صبية آخرين، كتائب المعارضة بإجراء عمليات مراقبة واستطلاع وبنقل الأسلحة والإمدادات. كما قابلت هيومن رايتس ووتش ثلاثة آباء سوريين قالوا إن أبنائهم تحت 18 عاماً مكثوا في سوريا كي يقاتلوا.
وقالت بريانكا موتابارثي، باحثة قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: “جميع الأعين تنظر إلى المعارضة السورية لكي تثبت أنها تحاول حماية الأطفال من الرصاص والقنابل، ولا تعرضهم للخطر. من أفضل السبل لأن يحمي القادة العسكريون الأطفال، هو التقدم بتعهد قوي وعلني ضد استخدام الأطفال ضمن صفوف المقاتلين، والتأكد من أعمار الصبية قبل السماح لهم بالالتحاق بالقوات”.
في بعض الحالات، قال صبية تمت مقابلتهم إنهم تطوعوا للقتال إلى جانب أشقاء أكبر سناً أو أقارب لهم. في بعض الحالات، قالوا إن جنود المعارضة طلبوا منهم المشاركة. في كل الأحوال، فإن البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، وسوريا طرف فيه منذ عام 2003، ورد فيه أن “لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية”.
وثق المركز السوري لتوثيق الانتهاكات، وهو مجموعة مراقبة سورية معارضة، مقتل 17 طفلاً على الأقل قاتلوا في صفوف الجيش السوري الحر. وقد تعرض آخرون لإصابات بليغة وأصيب البعض بالعجز بشكل نهائي.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب أن تشمل المبادرات القائمة بشأن تبني جماعات المعارضة وتنفيذها مدونات سلوك تعزز احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مواداً تعلن بوضوح عدم مشاركة الأطفال في النزاع المسلح.
قال “ماجد” – الصبي البالغ من العمر 16 عاماً من الخالدية بحمص – لـ هيومن رايتس ووتش إنه شارك في مهام قتالية في سوريا: “كنت أحمل كلاشنيكوف… كنت أطلق النار على نقاط التفتيش… لكي نتخذهم أسرى ونأخذ أسلحتهم”. أضاف ماجد إن كتيبته التي تضم أكثر من ألفي مقاتل، أمدته بتدريب قتالي. قال لـ هيومن رايتس ووتش: “علمونا كيف نطلق النار، وكيف نفكك ونركب السلاح، وكيف نصوب على الهدف”. تطوع مع شقيقه الأكبر ومع أقارب آخرين على حد قوله.
“هيثم” و”قاسم” صبيان يبلغان من العمر 16 عاماً من درعا، يعيشان حالياً في الأردن، قالا لـ هيومن رايتس ووتش إنهما تطوعا معاً في لواء مسلح محلي، رغم أنهما لم يشاركا في هجمات ولم يحصلا على أي تدريب. قال قاسم مشيراً إلى الجيش السوري الحر: “أعطونا أسلحة فحسب، لم يكن هناك أي تدريب. كان معنا كلاشنيكوف، لكن ليس أكثر من 30 رصاصة، كنت أقوم بأعمال مراقبة واستطلاع، وكنا نحرس البلدة في الليل. عندما يقترب أحدهم، ننبه الآخرين… لكن لم نخرج في مهمات، لأننا صغار على ذلك”.
قال هيثم لـ هيومن رايتس ووتش “إنهم [الجيش السوري الحر] يقبلون الناس بدءاً من سن 16 عاماً. إنهم تحت ضغوط شديدة [ليربحوا المعارك]“. وبدوره أشار ماجد إلى أن الجيش السوري الحر يقبل الأطفال، رغم أعمارهم. قال: “عملك يعتمد عليك. إن كنت شجاعاً لا تخاف، يرسلونك للقتال عند نقاط التفتيش”. وأضاف أنه بينما قاتل عدة شهور، فقد أمره قادته بعد ذلك بأن يغادر الوحدة بسبب عمره. قال: “قالوا نحن نريد رجالاً أكبر سناً.. أنت صغير للغاية”.
قال “رائد” البالغ من العمر 14 عاماً لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يعمل بنقل الأسلحة والطعام والإمدادات الأخرى اللازمة لمقاتلي المعارضة في خربة الجوز، بالقرب من الحدود مع تركيا. كان رائد وشقيقه يقيمان في العراء على الحدود عندما تعرضت بلدتهما شمالي سوريا للهجوم. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المقاتلين طلبوا منه أن يساعدهم في نقل الإمدادات عبر الحدود:
كنا نساعد الجيش السوري الحر فنجلب لهم… الإمدادات من تركيا، والأسلحة. نجلب الرصاص والروسيات [الكلاشنيكوف]. جميع الصبية يساعدون بهذا الشكل. كنا 10 صبية بين 14 و18 عاماً. أعرف رجالاً في الجيش السوري الحر طلبوا مني أن أساعدهم بهذا الشكل. فعلت ذلك لمدة أربعة أو خمسة شهور.
في يونيو/حزيران 2012، بدأت القوات الحكومية في إطلاق النار على المنطقة الحدودية، حيث كان رائد وشقيقه نائمان، قرب مجموعة من مقاتلي الجيش السوري الحر. قال لـ هيومن رايتس ووتش: “كان جدي وجدتي في البيت، لكن كنا ننام على الحدود قرب رجال الجيش السوري الحر. يوم أصبت بعيار ناري كانت أول مرة أنام على الحدود. كنت أركض وقت أن أصبت، وقد أصابتني الرصاصة من الخلف. كان الجيش على مسافة 100 متر”. تلقى رائد علاجاً في تركيا، لكنه يعاني من ضرر مستديم جراء إصابته. قال: “أصابت الرصاصة أعصابي. أشعر بقدمي لكن لا يمكنني أن أتحرك. أجريت أربع جراحات وتبقت لي ثلاث جراحات… لا أعرف إن كنت سأتمكن من المشي مرة أخرى”.
قال “كريم” البالغ من العمر 15 عاماً لـ هيومن رايتس ووتش إنه قبل مغادرته حمص في يونيو/حزيران أو يوليو/تموز، كان قد دأب هو وأصحابه على تسلق الشجر للاستطلاع لصالح الجيش السوري الحر. قال: “كنت أتسلق الشجر، وأختبأ هناك وأراقب الموقف على الأرض. كنا نساعد الجيش السوري الحر بهذه الطريقة”.
فرض القانون الدولي سن 18 عاماً سناً دنيا للمشاركة في الأعمال القتالية المباشرة. بموجب نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فإن استخدام القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة لمجندين تحت سن 15 عاماً أو استخدام الأطفال في صفوفهم “للمشاركة الصريحة في أعمال القتال” تعد جريمة حرب. وطبقاً للتفسيرات المُلزمة للنظام، فإن المشاركة الصريحة في أعمال القتال لا تقتصر على مشاركة الطفل في القتال مباشرة، بل تشمل أيضاً أنشطة متصلة بالقتال، مثل الاستطلاع والتجسس والأعمال التخريبية واستخدام الأطفال في تشتيت انتباه الخصم أو لحمل المعدات أو عند نقاط التفتيش العسكرية. كما يشمل الحظر على المشاركة الصريحة للأطفال استخدامهم في مهام دعم “مباشر”، مثل حمل الإمدادات إلى الخطوط الأولى للقتال.
أصدرت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا في أغسطس/آب تقريراً أعربت فيه “عن القلق إزاء وجود تقارير لقتال أطفال تحت 18 عاماً واضطلاعهم بأدوار مساعدة للجماعات المسلحة المعارضة للحكومة”، وأضافت أن: “تلقت اللجنة تطمينات من العقيد رياض الأسعد بأن سياسة الجيش السوري الحر تقضي بعدم استخدام الجنود في القتال في أي مكان. لكن هناك أدلة تشير لعدم الالتزام بهذه السياسة على طول الخط من قبل الجيش السوري الحُر ومن الجماعات المسلحة الأخرى المعارضة للحكومة”.
وقالت بريانكا موتابارثي: “حتى عندما يتطوع الأطفال للقتال، فإن مسؤولية القادة تقتضي أن يحموهم وذلك بإبعادهم… يسهل تأثير الأقارب الأكبر سناً والأصدقاء على الأطفال، لكن مشاركتهم في أعمال القتال المسلح تعرضهم لخطر القتل، أو الإعاقة المستديمة أو الإصابة بصدمات نفسية حادة”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الدول التي تمول جماعات المعارضة وتمدها بالأسلحة أن تدعو الجيش السوري الحر لمنع استخدام الأفراد تحت سن 18 عاماً في أي أغراض عسكرية، سواء كمقاتلين بشكل مباشر أو في أدوار مساندة.
اتضح لـ هيومن رايتس ووتش أن الصبية اللاجئين في الدول المجاورة يبقون عرضة للتجنيد والإشراك بالقتال. في ثلاث مقابلات جماعية مع لاجئين سوريين، قام رجال أكبر سناً، بينهم مقاتلين من الجيش السوري الحر في إجازات، بسؤال الأطفال في المجموعة ما الجيش الذي يدعمونه وأظهروا لـ هيومن رايتس ووتش صوراً ومقاطع فيديو لأطفال يحملون أسلحة وينشدون هتافات الجيش السوري الحر. في مناسبتين على الأقل أثناء مقابلة اللاجئين، شهدت هيومن رايتس ووتش تشجيع رجالٌ لصبية لكي ينضموا إلى قوات المعارضة المسلحة. كما راجعت هيومن رايتس ووتش عدة مقاطع فيديو على اليوتيوب بينها مقاطع لكتائب للجيش السوري الحر على صفحات الفيس بوك أو قنوات اليو تيوب، فيها أطفال مقاتلين “شهداء” أو أطفال يقولون إنهم يرغبون في الشهادة.
وقالت بريانكا موتابارثي: “لقد رأينا رجالاً يدعون الصبية لدعم الجيش السوري الحر والانضمام للقتال”. وأضافت: “يمكن أن يخضع الصبية للضغوط كي يتسلحوا وينضموا للقتال ويحدث هذا أحياناً في أعمار صغيرة للغاية، لا سيما عندما يكون أقاربهم الأكبر سناً يقاتلون في صفوف المعارضة المسلحة، أو قتلتهم قوات النظام”.
ينحدر الأطفال الذين يخدمون في صفوف جماعات المعارضة المسلحة الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش من قطاعات مستضعفة للغاية من المجتمع السوري. ثلاثة من الصبية الذين قابلناهم قالوا إنهم لا يعرفون القراءة والكتابة، وقال أربعة إنهم كانوا يعملون بدوام كامل قبل الانضمام لأنشطة الجيش السوري الحر. لم يكن أي منهم يدرس بالمدارس وقت انضمامهم للجيش السوري الحر، بما أن حتى من كانوا يرتادون المدرسة كفوا عن الذهاب إليها بما أن المدارس أغلقت في مناطق سكناهم أو لأن عائلاتهم رأت في ذهابهم للمدارس خطراً داهماً.
قال بعض الصبية الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش خارج سوريا إنهم تركوا سوريا فقط لكي ينقلوا قريباتهن إلى بر الأمان، بينما قال آخرون إنهم غادروا بشكل مؤقت ويعتزمون العودة. قال ماجد إنه بينما تم تسريحه من كتيبته بسبب حداثة سنه، فقد ذهب إلى الأردن فقط لكي يوصل قريباته. كان يعتزم العودة إلى درعا مع صديق لمحاولة الالتحاق بوحدة قتالية مختلفة. قال: “ربما تكون مختلفة عن السابقة ويقبلوني معهم”.
قال هيثم وقاسم إنهما يخططان للعودة إلى سوريا للاستمرار في القتال. قال قاسم: “في [وحدتي] نقص في السلاح. أنا أنتظر مكالمة منهم لإخباري أن عندهم أسلحة أكثر، ثم سأعود”. قال رائد إنه وشقيقه الأكبر رافقا الأسرة إلى مخيم اللاجئين في تركيا، ثم سيعودان إلى سوريا للانضمام إلى الجيش السوري الحر، الذي كان يعمل به حتى أصيب برصاصة في الساق.
قال ممثل عن منظمة دولية تساعد اللاجئين السوريين في الأردن لـ هيومن رايتس ووتش: “يأتي الجيش السوري الحر إلى المخيم [الزعتري] ويبث رسالة بأنه من غير المقبول المكوث في المخيم بينما هناك آخرين يقاتلون في سوريا”. فيما تم السماح للاجئين السوريين بارتياد المدارس في المناطق التي لجأوا إليها، وبينما تم إنشاء مدارس في مخيمات اللاجئين؛ فما زالت الأماكن المتاحة للأطفال في المدارس محدودة.
وقالت بريانكا موتابارثي: “هناك أطفال أكبر سناً كثيرين اختاروا ألا يذهبوا إلى المدارس. وقد خسروا نحو عامين دراسيين داخل سوريا ويقولون إنهم لا يرون فائدة من استكمال التعليم. على منظمات الإغاثة الإنسانية التي تعاون اللاجئين أن تعمل على منع التجنيد من المخيمات وتجمعات اللاجئين وأن تضمن حصول جميع الأطفال على التعليم”.